وجه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي صدمة لكل جماهير كرة القدم، ولا سيما الجمهور الأرجنتيني حيث تحدث بشكل واضح أن كأس العالم القادمة بقطر 2022 سوف تكون الأخيرة له مع راقصي التانجو. فعلى الرغم من أن هذا الأمر مُتوقع لأن ميسي يبلغ من العمر حالياً 35 عاماً، إلا أن تصريح ميسي بشكل رسمي عن إعتزاله دولياً عن أهم بطولة في لعبة كرة القدم بعد استمرار مشاركته في جميع النسخ المتتالية منذ عام 2006 إلى 2022 ، سوف يكون أمر مُحزن لكل محبي المتعة الكروية. فموهبة ميسي لا تتكرر كل يوم ومجرد وجوده إضافة كبيرة، وغيابه خسارة كبيرة ليس للأرجنتين فقط، وأنما لكل محبي كرة القدم.
سطر ميسي تاريخ مميز من خلال مشاركاته في كأس العالم. فبرغم تلقيه الكثير من الانتقادات بسبب اختلاف أداءه بين النادي الأسبق له، نادي برشلونة، ومنتخب التانجو، إلا أنه وبكل تأكيد يعتبر واحد من أهم اللاعبين في تاريخ منتخب الأرجنتين؛ فأرقام اللاعب تخبرنا بذلك. دعونا نستعرض رحلة ميسي بشكل تفصيلي مع منتخب الأرجنتين في جميع النسخ الخاصة بكأس العالم:
كان ميسي أبن الثمانية عشر عاماً حين سجل أو مشاركة له في كأس العالم، ليكون أصغر اللاعبين في تاريخ التانجو الذين يشاركون ويسجلون في هذا السن الصغير. لقد كان ميسي أحد اللاعبين الصغار من حيث السن والمكانة، إذ كان يلعب معه في نفس الفريق النجم ريكيلمي بجانب كريسبو وميلتاو وأيالا وكمبيسو وسافيولا وغيرهم؛ فلا يمكنك أن تجد شخص ما يتابعه أو يقوم بالرهان عليه في مراهنات كرة القدم. أتسم تواجد ميسي بالتواجد الهادئ في غرف الملابس وكذلك الملعب ومقاعد البدلاء، فكل ما كان يشغله هو تسجيل حضور جيد بين هؤلاء النجوم في هذا العمر الصغير، والاستفادة من خبرات من حوله.
لم تكن جماهير الكرة الأرجنتينية تنتظر الكثير من ليونيل ميسي في هذه النسخة، إذ كانت الأنظار كلها موضوعة على ركيلمي وكريسبو في الجانب الهجومي للتانجو، لكن ميسي تمكن من تسجيل حضور جيد جداً مقارنه بسنه في أول مشاركة له في كأس العالم على الأطلاق.
لم يشارك ميسي في المباراة الأولى أمام ساحل الحاج، حيث أكتفى وقتها بالتأقلم مع أجواء كأس العالم وهو يجلس على مقاعد البدلاء، في المباراة التي فاز بها راقصي التانجو بهدفين مقابل هدف واحد.
في المباراة الثانية، وبعد تقدم الفريق بهدفين مقابل لا شيء أمام منتخب صربيا، قرر المدرب خوسية بيكرمان إشراك ميسي في هذه المباراة في الدقيقة 75، حيث لم يخيب ميسي ظن مدربه وتمكن من أحراز الهداف السادس في المباراة التي انتهت باكتساح الأرجنتين لصربيا بستة أهداف مقابل لا شيء.
بعد أن ضمن المنتخب الأرجنتيني الصعود لدور الستة عشر، قرر المدرب أراحه بعض نجوم الفريق، ودفع وقتها بكارلوس تيفيز وليونيل ميسي لقيادة هجوم الفريق، وأراحه كل من سافيولا وكريسبو؛ ليلعب ميسي 70 دقيقة كاملة. قدم ميسي أداء مميز في هذه المباراة من ناحية التحكم في الكرة والمراوغات، إلا أنه فشل في التسجيل.
في المباراة التالية في دور الستة عشر، جلس ميسي على مقاعد البدلاء أمام منتخب المكسيك حيث شارك وقتها في أخر ست دقائق من عمر المباراة الأصلي وكذلك لعب الشوطان الإضافيان مقدماً أداء جيد جداً بتسجيله هدفاً كان قد تم إلغاءه في المباراة التي فاز بها نجوم التانجو بهدفين مقابل هدف.
أصطدم ميسي ورفاقه بصاحب الأرض المنتخب الألماني، في المباراة التي شهدت غياب ميسي عن المشاركة بشكل أساسي أو احتياطي؛ لتودع الأرجنتين كأس العالم بركلات الجزاء.
لعب ميسي كأس العالم 2010 تحت قيادة الأسطورة الأرجنتينية دييجو ماردونا، وكان يبلغ من العمر وقتها 23 عاماً، حيث كان قد بدأ مسيرة التألق مع ناديه برشلونة من خلال حصد الألقاب الفردية والجماعية؛ ولعل أهمهم أول كرة ذهبية في تاريخه.
على عكس كأس العالم 2006 والتي ظل فيها ميسي حبيس دكة البدلاء أغلب أوقات المباريات، شارك ميسي في هذه النسخة جميع الدقائق في كل المباريات؛ حتى أن ماردونا لم يقم باستبداله في أي لقاء.
تمكن المنتخب الأرجنتيني من عبور دور المجموعات بالعلامة الكاملة من خلال الفوز في الثلاث مباريات أمام كل من نيجيريا بهدف مقابل لا شيء، وكوريا الجنوبية برباعية مقابل هدف، وأخيراً بهدفين مقابل لا شيء أمام اليونان. قابل المنتخب الأرجنتيني منتخب المكسيك أيضاً في دور الستة عشر، وتمكن من الفوز عليه بثلاثة أهداف مقابل هدف، ليتكرر سيناريو كأس العالم السابق بمواجهة الماكينات الألمانية أيضاً في دور الثمانية؛ لتودع الأرجنتينين كأس العالم مرة أخرى أمام قوة الألمان وذلك بعد الخسارة برباعية نظيفة.
قدم ميسي مستويات جيدة جداً في هذه النسخة، فقد كان محور أداء المنتخب والمحرك الأساسي لخطط ماردونا في كل لعبة. نعم لم يتمكن من تسجيل أي هدف في هذه البطولة، لكنه صنع العديد من الأهداف وكان مصدر خطورة كبيرة أمام جميع الخصوم.
بدون شك تعتبر هذه النسخة من كأس العالم هي الأفضل لميسي في جميع مشاركاته في كأس العالم. كان ميسي في هذه النسخة هو القائد للفريق بحمله شارة القيادة لراقصي التانجو وهو بعمر 27 عاماً.
كل من شاهد كأس العالم بالبرازيل 2014 لا يمكنه أن يُنكر أن ميسي كان واحد من أفضل لاعبي البطولة، فهو اللاعب الأهم في صفوف منتخب الأرجنتين، وجميع الأنظار كانت نحوه بصفته أفضل لاعب في العالم على الأطلاق. فقد كان ميسي محل ثقة الجماهير الأرجنتينية في هذه البطولة، فهم يعترفون أن ميسي كان يشكل أكثر من 50% من قوة الفريق واحدة وأن بدونه لخرج الفريق من الدور الأول.
ظهر تأثير ميسي في كأس العالم منذ المباراة الأولى، فقد كان صاحب هدف الفوز أمام البوسنة والهرسك في مباراة انتهت بهدفين لهدف. وفي المباراة التالية أمام أيران كان ميسي هو صاحب هدف المباراة الوحيد في مباراة انتهت بهدف مقابل لا شيء. أستمر ميسي في التألق ليسجل هدفين أمام نيجيريا لتفوز الأرجنتين بثلاثية مقابل هدف؛ ليكون ميسي هو أمل الأرجنتين في حصد لقب كأس العالم.
أستمر ميسي في قيادة الأرجنتين، ليفوزوا على سويسرا في دور الستة عشر بهدف مقابل لا شيء، ثم المنتخب البلجيكي في دور الثمانية بنفس النتيجة، ثم أقصاء المنتخب الهولندي بركلات الجزاء الترجيحية، قبل أن يخسر راقصي التانجو في المباراة النهاية أمام المنتخب الألماني في الوقت الإضافي؛ لتتبخر أحلام ميسي ورفاقه في الفوز بكأس العالم.
لعب ميسي كأس العالم الرابعة له وهو في عمر الواحد وثلاثون عاماً، وهو يتربع على رأس قائمة أفضل اللاعبين على مستوى العالم، فلا ينافسه على هذا العرش سوى البرتغالي كرستيانو رونالدو.
لم يقدم المنتخب الأرجنتيني مستوى جيد في هذه البطولة، ولا حتى ميسي نفسه. فالبداية الهزيلة أمام منتخب أيسلندا والتعادل بهدف لكل فريق، ثم الهزيمة أمام المنتخب الكرواتي بهدف نظيم جعلت الجماهير الأرجنتينية في حالة من الإحباط وذلك بالرغم من الفوز في المباراة الثالثة أمام المنتخب النيجيري بهدفين مقابل هدف.
سجل ميسي هدف واحد في دور المجموعات، وصعد المنتخب الأرجنتيني كثاني في المجموعة ليواجه المنتخب الفرنسي في دور الستة عشر. حاول ميسي أن يقود الفريق أمام الديوك الفرنسية إلا أنه لم يكن بأماكنه الكثير، ليخسر الفريق بأربعة أهداف مقابل ثلاثة؛ ليودع راقصي التانجو البطولة مبكراً!
الآن، ونحن على بعض أيام من انطلاق كأس العالم في قطر 2022، دعونا نستعد لمتابعة ميسي وهو يداعب الكرة لأخر مرة في كأس العالم، في مشهد سوق نفتقده كثيراً في النسخة القادمة من كأس العالم.